القيمة الفنية للمصور

سؤال عابر جال بخاطري ، واثار اهتمامي عندما التقيت بالعديد من المصورين الأجانب بطريق الصدفة من الهند والصين وأسبانيا وإيطاليا بالأيام الماضية ، وهم في غاية الشهرة ولديهم العديد الأعمال الفنية المميزة وعدد كبير من المتابعين، و رأيت الجماهير من المصورين الهواة يلتمون من حولهم للنقاش معهم والحديث معهم بكل أريحية وأخذ لقطات السلفي والتواقيع التذكارية في مشهد جميل جدا جدا ، تستطيع أن ترى مقدار الحب والتقدير ما بين المصور الأستاذ ومابين المصور المبتدء والجماهير العادية التي تقدر قيمة المصور الفنان بشكل حقيقي ، وهنا جاء سؤالي ماهي قيمة المصور العربي لدينا في ساحتنا المحلية !؟

عندما طرحت هذا السؤال دارت ببالي العديد من النقاط ، فبالبداية كيف لنا أن نقيس مقدار القيمة الفنية للمصور العربي لدينا !؟ فهل المقياس لدينا يجب أن يكون في مستواه الفني !؟ أو التقني !؟ أو الثقافي المعرفي !؟ أو بعدد متابعينه !؟ أو حتى بعدد إنجازاته وجوائزه التي كسبها !؟ لربما هذه النقاط قلما تتواجد كلها لدى شريحة كبيرة من المصورين لدينا، وبالتالي تكون الأفضلية لدى كل شخص متذبذبة بين صعود وهبوط لإختلاف معايير التقييم، كوننا اعتدنا أن نرى من يملك الموهبة تنقصه المعرفة ، ومن يملك المعرفة تجده ضعيفا بالجانب التقني ، ومن يلم بالجانب التقني تجده بدون إنجازات ولا يكترث لهذا الموضوع كثيرا وهلم جرا !

ومع هذه الفوارق تبقى هناك نقطة واحدة وهي الأهم وهي القيمة الأخلاقية للمصور ، والتي ستكون في غالبها متوحدة مع الكل بدون استثناء لدى جميع المصورين ، وتكمن أهمية هذه النقطة في قوة رفعها لمستوى المصور بشكل كبير وزيادة محبيه ومتابعينه بغض النظر عن مستواه الفني أيا كان ، لإنها الواجهة الحقيقية للاسم المصور التي يتم الأخذ بها بالمقام الأول بعين الاعتبار ، وتكاد تكون نقطة التحول لكثير من المصورين في مشوراهم الفني ، وفي هذا الجانب نجد المصورين الأجانب قد تفوقوا بها وبقوة في حين الكثير من المصورين العرب ما زالوا يتجاهلونها وبقوة ، من باب أنني وصلت للقمة فأنا لست مطالب بأن اتجاوب مع الجمهور بأي شكل كان إيجابي أو سلبي ، أو حتى على أقل تقدير أخذ بعض الدقائق من وقته لإبداء إعجابة بأحد الأعمال الفنية أو حتى التعليق عليها.

وتعقيبا على هذه الظاهرة شاءت الأقدار أن تجمعني بلقاء المصور الهندي (فينت) وهو واحد من أشهر مصوري حياة الشارع بالعالم بهذه الفترة ولم أكن أعرفه أبدا من قبل ، وفي موقف طريف للغاية عندما جمعتنا الصدف بأكثر من موقع لإلتقاط بعض الأعمال، وكلانا كان يعمل بشكل منفرد ، حتى بادلني بالتحية وسؤالي لماذا أحمل كاميراتان وعن إذا ما كنت مصوراً محترفا أم هاوي !؟ فأجبته بكل اختصار أنني مجرد مصور هاوي ومازلت أتعلم ! ولكن ماذا عنك ياصديقي أراك تحمل كاميرا من ذات إصدار خاص من كاميرات اللايكا هل أنت هاوي كذلك !؟ فأجاب وهو يبتسم أنا لست أفضل منك كمستوى فني ، فقلت له صحيح ومع كاميرة اللايكا أنت تبدو بالفعل مبتدئا ، فأنفجر ضاحكا وبعدها عرفني بنفسه بشكل رسمي وقام بدعوتي لإحتساء كوبا من الشاي، وما هي مجرد لحظات حتى توافدت عليه الجماهير لالتقاط الصور التذكارية معه.

ومع هذه اللحظات الجميلة كنت أراقب عن قرب مدى تجاوب المصور فنيت مع جمهوره والرد على استفساراتهم والتعليق على بعض الأعمال وإبداء بعض النصائح من هنا وهناك ، في حين كنت أقيس ذات التجربة على واقعنا العربي مابين تجاوب المصور المشهور معنا مع جمهوره المفضل و كذلك تقدير عامة الجمهور للمصور الموهوب ، فيما توضح بأن الفجوة كبيرة جدا لدينا في هذا الجانب الأ وهو الجانب الأخلاقي في مسألة تقدير كل طرف للآخر، فيما بين احترام وتقدير موهبة المصور وأعماله من قبل الجمهور ، ومابين إحترام المصور المشهور لطموحات وتطلعات المصورين المبتدئين والجمهور نتيجة سلوكيات خاطئة من كلا الطرفين حتى نكون منصفين وحيادين في هذه النقطة!

وعلى ذات الجزئية شاهدت بالفترة الأخيرة أحد المصورين يطلب من جمهوره أن يقوموا بنشر حسابه الجديد ! وفي مشهد مؤسف أن يتسول ذاك المصور المشهور جمهوره من أجل نشر حسابه وهو بذات المقام لا يبادلهم أي اهتمام أو تقدير ، ونادرا ما يرد على الاستفسارات التي تصله من هنا وهناك ، لكي يثبت لنا وبالأمر الواقع أنه متى ما دعت الحاجة له لكسب أي شيء لنفسه ، يكون الوقت جيدا ومناسبا للتنازل عن بعض من تلك النرجسية وحب النفس والأنانية في سبيل تحقيق غايته الشخصية ! والسؤال الذي اطرحه هنا ما هو شعور هذا المصور وهو يتسول ويتوسل الجمهور لنشر حسابه !؟ أليست لديه الثقة التامة بقيمة أعماله الفنية وحب الجمهور له !؟ إذا كان فعلا مجيدا للشيء الذي يقدمه وينشره ، وواثق بحسن تعامله وأخلاقه مع من حوله !؟

بالختام القيمة الأخلاقية التي تميزنا كمصورين أراها هي الأهم أيا كان مستوانا الفني ، رغم تنافسنا على تسويق أفضل أعمالنا لدى الجمهور ولكن لايعني ذلك بأن نكون قاسين وجافين بالتعامل معهم ، وقليلا من التواضع لن يؤثر على اسمي الفني ومسيرتي الفنية، فبدون الأخلاق تسقط الرسالة الأهم لدينا بعكس كل مانراه جميل بداخلنا . 

رسالة أخيرة .. وصلتني العديد من المسجات الإيجابية من العديد من المصورين والمصورات العرب و الخليجين ، وبعضها كان بقمة الإحراج لي من صدق كلماتها وعفويتها التي لامست قلبي وبكل مصداقية وعفوية. أشكركم من كل قلبي على تلك الكلمات الجميلة، ومن الجميل جدا أن أرى نفسي محل قدوة وفخر لديكم ، و إن كان لدي طلب ورسالة أخيره : فهي بنقل تلك الكلمات وعكسها بتعاملكم مع أخوانكم وأخواتكم المصورين بذات الوقت. مع تمنياتي لكم بالتوفيق والنجاح بمسيرتكم الفنية.

أطيب التحيات والتقدير …

عبدالله المشيفري 

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s

%d bloggers like this: