الشغف والتحفيز

تحدثنا في مقالاتنا السابقة عن موضوعان مهمان وهما ( ثقافة المتابعة وهناك مبدعون ) لنكمل سردنا لموضوع مهم جدا ، الا وهو الشغف والتحفيز الذاتي ، وهو العامل والقوة المحركة للإبداع الفني التي يجب كل مصور وفنان أن تتواجد معه من أجل مواصلة العطاء وإكمال المسير في تقديم أعمال مميزة جدا ، اذا ما أحب المصور أن يرتقي بأدائه لمستويات أعلى ، وهذا الشغف بكل بساطة يفسر بإعطاء الشيء حقه من التقدير والاهتمام ، فجميعنا نتفق على أننا مصورون وكلنا نملك كاميرات ومعدات متنوعة ، إلا أن الفارق البسيط يأتي باللمسة الأخيرة في تنفيذ الأعمال ، وهي نتجية طبيعية وواقعية جدا لمن يهتم لأدق التفاصيل بعمله وبين من يريد فقط أن يكتفي بتوثيق عابر ويستمر بذات تكرار الأخطاء لسنوات عديدة ، دون تقدم ملحوظ في الاداء العام وهو الأمر الذي قد يعجب جمهور كبير من الفواتوغورافين الطامحين لوضع بصمه لأنفسهم في الساحة الفنية . 

وعندما نتحدث عن الشغف فنحن هنا نتحدث تحديدا عن مدى وجود العامل المحفز للمصورين ببذل جهدهم بشكل على نحو صادق لتحقيق ما يصبو إليه من خلال مسيرتهم الفوتوغرافية ، والعوامل التي تصنع الفارق هنا كثيرة منها حب التعلم أو الفضول والاهتمام أو تحقيق إنجازا ما ، ولكن الشغف وحده ليس كافيا للوصول إلى المستويات المتقدمة كونه مجرد عامل حيوي تفاعلي شبيه بالطاقة الإيجابية أو المحفزة ، حيث يتوجب على الشخص تحديد بعض الأمور أولها ضرورة وضع هدف يريد تحقيقه ، فبدون وجود خطة عمل أو هدف للتحقيق لن يتمكن الشخص من إنجاز أي شيء على أرض الواقع ، حتى وإن كان الموضوع أبسط مما يتصوره البعض ، مثل تعلم مهارة معينة ، أو التدرب بشكل على يومي على الكاميرا ومحاولة اكتشاف ما بها من مواصفات وإمكانيات ، أو حتى التعلم على التقاط صورة على نحو صحيح ، فبدون خطة أو جدول واضح لن تتقدم أبدا في مسارك الفني  .

وتمكن أهمية وضع خطة عمل أو أهداف ، بأنها ستساهم في تحديد رؤية زمنية للمصور المبتدء أو الهاوي لصقل مهاراته وقياسها بشكل متزامن ، فما بين القراءة والتطبيق والتنفيذ والبحث عن المعلومة النافعة ستتولد لدى الشخص فرص كثيرة لزيادة شغفه بالتصوير وبشكل مستمر ، مما ينعكس لاحقا على مستوى المخرجات الفنية التي يقدمها وبشكل يومي، في حين قد يقع البعض في مستنقع التشكك واختلاق الأعذار والحجج في حال عدم ارتباطهم بخطة عمل حقيقية ، أو أنهم يرمون أعذارهم بحجة ضعف وقلة المصادر التعليمية ، أو جودة معدات التصوير لديهم ، وهم بذلك يغفلون عن نقطة أهم ، ألا وهي بأن التعلم واكتساب المعلومة كمعلومة ليس مرتبطا ارتباطا ضروريا بوجود كل مقومات النجاح كاملة ، فهذه المعادلة كذلك هي على أرض الواقع ليست موجودة بشكل حقيقي ، لربما نصف المعادلة أو ربعها ، في حين من يكمل الشق الناقص منها هو الشخص المجتهد ليحقق معها علامة النجاح كاملة . 

لذلك يجب أن نكون على يقين بأن الاجتهاد والمثابرة مطلوبة هنا وهي أهم أسس النجاح ، والأهم هو خلق فرص لأجواء إيجابية قدر المستطاع ، منها على سبيل المثال تعلم مهارة ما في التصوير بشكل دوري ، أو حتى رفع الاداء في التعلم على برامج التعديل والتحرير ، وإن كانت الفرصة مواتية لامانع من المشاركة ببعض المسابقات الصغيرة التي تقام على مستوى المجموعات أو تلك التي تقام على مستوى برامج التواصل الاجتماعي ، فالاحتكاك كذلك كفيل بتوليد الحماس وشد الهمة لبذل جهد مضاعف للتدريب والتعلم ، في حين نود أن ننوه لحقيقة ملزمة بأن النجاح ليس دائما حليف المجتهدين على اعتبار اذا كنت ترى نفسك الأفضل بمجالك ومن باب المكابرة والغرور ، فعليك أن تعلم بأن هناك من هو أفضل منك واقدم منك ، فالهدف هنا ليس التنافس بل هو التدرب والتطور والتعلم من خلال ما تراه من مستويات يقدمها الآخرون في ذات المجال الذي اتجهت له ، وعليه عود نفسك دائما بأن تتحلى بالروح الرياضية (ابتسم عند الخسارة ، وتواضع عند النصر ) . 

ولا ننسى أن نذكر بأن بعض المصورين من الهواة والمبتدئين وحتى المحترفين قد يمروا ببعض المرات بحالة من الهبوط أو الكسل ، وهي حالة يمر بها أغلب الفنانين ، وهي حالة معتادة نتيجة التخمة أو الإفراط من ممارسة الشيء إلى الحدود فوق الطبيعية ، لذلك في مثل هذه الحالات يستحب إما أخذ إجازة إجبارية والابتعاد عن أجواء التصوير بشكل عام لبرهة من الزمن ومن ثم العودة لها بنشاط متجدد ، في حين أن من أصعب الحالات التي يصاب بها الفنان الحقيقي هو نقص الإلهام الفني لتنفيذ أعمال فنية جديدة ، وهنا يأتي الدور للتغذية البصرية وهي المفتاح السحري لمن عرف كيف يستغلها لفتح مداركه واحاسيسه الفنية ، ولا أتحدث هنا عن تقليد الأفكار ولكن عن استطاعة الفنان الحقيقي باقتباس تلك الفكرة القديمة وتطويرها بشيء مختلف تماما ونقلها لبعد مختلف ، حيث يفاجأنا بتقديم عمل فريد بشكله ونوعه ، والفرص هنا كثيرة ومتنوعة لمن أراد أن يصنع الفرق ويضيف لمسيرته الشيء الكثير من التميز . 

بالختام ،، نصيحة دائما اكررها وأعيدها (اختر أصدقائك الفوتوغرافيين بعناية) فمن ترافقهم هم من سيصنعون الفرق بمسيرتك الفوتوغرافية ، أما من خلال تشجيعهم وتحفيزهم الدائم لك ، أو بالوقوف في طريق نجاحك واعتراضهم لك . 

(وإن اختارت لك الظروف والأقدار بأن تكمل المسير وحيدا .. فتذكر لربما هو خير لك وفيها من النعم الشيء الكثير) ، خصوصا ذاك الهدوء النفسي الذي يحفزك للنجاح والمضي قدما بثبات . 

أطيب التحيات والتقدير …

عبدالله المشيفري 

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s

%d bloggers like this: