الرؤيةالفنيةللمصور

عندما نتحدث عن مفهوم الرؤية الفنية للمصور ، فإننا نشير إلى عدة نقاط بمقالنا هذا ، أولها فهم مفهوم الرؤية كوصف توظيفي في مسيرة المصور الفوتوغرافي وهي بالغالب تتعلق بتحديد أهدافه وتطلعاته ومن ثم ترجمتها على أرض الواقع ، وبالأخير أن يتميز بخامة الأعمال التي يقدمها ، وثانيا أن يكون مدركا لقيمته الفنية كشخص وأنه يستطيع أن يتميز بالشيء الذي يقدمه من محتوى فني ، وثالثا أن يصبح صاحب سلوك أو منهج يعرف به ، ومع ذكرنا لهذه النقاط والتي يبدو من سياقها بأنها سهلة التطبيق ولكن الكثير من المصورين العرب من يستصعب فهمها وتطبيقها أو في معظم الأحيان يتكاسل عن تطبيقها ويكتفي بالدور البسيط الذي يقوم به ألا وهو الاكتفاء بالتقاط الأعمال كما هي ، ومن باب الإنصاف هناك بالفعل من يجيدون ويحسنون التقاط أعمالهم بشكل رائع جدا ، بل ولديهم الشغف للاهتمام بأدق تفاصيل العمل الفني الذي يقدموه ، وهؤلاء عادة هم الأكثر تألقا بالوسط الفني . 

في حين يفتقد البعض هذه المهارة بسبب عدم معرفتهم بتحديد رؤيتهم الفنية فيما يبحثون عنه من خلال ممارستهم للتصوير الفوتوغرافي ، لإصرار البعض منهم بتحجيم نفسه أمام البقية ، أو لعدم مقدرتهم على اكتشاف ذاتهم الفنية ، فلذلك تجدهم هائمين بدون وجهه حقيقية ، الأمر الذي ينعكس بشكل واضح بنوعية الأعمال المقدمة منهم التي يغلب عليها التكرار ذات النمطية من الأعمال المعتادة منهم ، وضعف المخرجات الفنية التي يكون الهوس الأكبر فيها بأهمية الانشغال بمعالجة الأعمال الفنية وإعطائها ساعات طويلة من الجهد عوضا من التركيز على تطوير ذاتهم فكريا للبحث عن المواضيع المميزة والخروج عن المألوف ، حتى أصبح البعض منهم يعرف كمصور فعاليات  أو مهرجانات أكثر من أنه مصور فوتوغرافي حقيقي ينجح في صناعة واقتناص اللحظات الحاسمة والجميلة ، التي تنتظر من يقوم بالانتباه لها من أجل اقتناصها بالعديد من المواقع والأماكن التي يمرون عليها .

ورغم ذكرنا وتوصيف البعض بمسمى مصوري الفعاليات أو المهرجانات فهناك من ينجح في اقتناص صورا وأعمالا فنية في غاية من الروعة ، إلا أن البعض يصر للذهاب لتلك الفعاليات من أجل إعادة ما تم تقديمه سابقا دون إضافة أي جديد أو تحسين على تلك الأفكار ، ليس وهذا وحسب بل هناك من اختزل موهبته الفنية باقتصارها على انتظار مواسم تلك الفعاليات من أجل اللحاق بها دون أن يعطي نفسه الفرصة للبحث عن مواضيع جديدة ، وهو الأمر الذي لمسناه بعد توقف عدد كبير من المصورين عن تقديم أية أعمال فنية جديدة بعد توقف عجلة الحياة إثر الجائحة وبعد استنفاذ رصيد الأرشيف بأكمله ، وهو ما يؤكد بأن الكثيرين من المصورين العرب لا يمتلكون لمفهوم الرؤية الفنية التي تساعدهم في تحديد اهدافهم ومشاريعهم المستقبلية بحيث تحافظ على تواصل مرحلة العطاء والتطور لديهم بشكل مستمر ومتواصل . 

لذلك تكون الحاجة ملحة لدى كل مصور من أجل أن يتبنى فكرة رؤيته الفنية المستقبلية ، وهي التي ستكون مسؤلة عن صقل موهبته ورسم مساره الفني ، وتحديد سلوكه الفني كذلك ، وتبني هذه الرؤية ليست بالشيء الصعب مثلما يتوقع البعض بل هي تبدأ بتحديد الأهداف بالمقام الأول ، وهي ليست مرتبطة بالمستوى التعليمي أو المادي للشخص ، ففي الفنون البصرية تحديدا فرصة نجاح وتألق أي شخص طامح وشغوف بها ، هي أكبر وأوفر حظا مقارنة بالمجالات الأخرى ، لأن المحرك هنا هو الشغف والموهبة ، وإذا ما تم توظيفهما بشكل جيد ، فسنجد أنفسنا في القريب العاجل في حضورنا لمشاهدة العديد من المصورين المميزين والمبدعين من أصبحوا أساتذة للفن البصري الذي يقدموه لنا .

نصيحة أخيرة قبل أن ننهي مقالنا .. أجعلوا من فنونكم البصرية راوية تروى بشغف وتنقل وتورث للأجيال القادمة ، ولا تجعلوا رؤيتكم فقط لكسب المسميات والألقاب ، فالأولى سائدة والأخرى بائدة .

وتذكروا في عالم الفنون البصرية لايوجد مكان لمقولة (قد فات الأوان) ، بل بكل لحظة تمر بها يكون الوقت فيها مهيئا لبدء رؤيتكم الفنية .

أطيب التحيات والتقدير ..

عبدالله المشيفري 

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Twitter picture

You are commenting using your Twitter account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s

%d bloggers like this: